مع تعدد وسائل الاعلام الحالية أبتداء من رسالة على البريد الالكترونى ومرورا بالصحف والمجلات وأنتهاء بالقنوات الفضائية تعددت طرح الموضوعات والاراء وأصبحت تعرض بأهواء أصحاب القنوات الفضائية الذين لا هم لهم سوى جنى الثروات عن طريق زيادة نسب المشاهدة على حساب الجودة ،وفى هذه الحالة تنعدم مصداقية ماتبنته وسائل الاعلام وتكون موجهة دائما لصالح وجهة نظر واحدة ؛ وهى وجهة نظر صاحب السلطة على هذه الوسائل الاعلامية لفرض نفوذهم على الجماهير والهاء الناس عن البحث عن الحقيقة ، وتكون النتيجة تدهور الذوق العام وتشجيع الجماهير على السطحية السياسية وأشاعة روح الانقسام بين الجماهير وفصلهم الى فريقين ،ويصبح حينئذ مجالا خصبا لنشر الشائعات مثلما فعل (غوبلز ) وزير الدعاية النازى ورفيق هتلر .
أن الناظر الى مسيرة التاريخ يدرك أن الأعلام تم توظيفه توظيفا ساعد على نشر الدعوات والافكار، وبالتالى أخذ الاعلام منحنى سلبيا خطيرا ،واتخذ بعض الاعلاميين شعار العولمة بمفهوم خاطىء ؛فبعض الاعلاميين لم يلتزموا لا بالمصداقية ولا الشفافية فى نشر الافكار .
والعلاقة بين الاعلام والسلطة علاقة متغيرة بتغير أفكار ومبادىء الحكام ، ولكن العامل المشترك الوحيد على مر العصور هو محاولة توظيف الاعلام لخدمة أغراض السلطة او على الاقل مساعدة الحاكم فى توضيح استراتيجيته فى الحكم والقاء الضوء على انجازاته فى محاولة لزيادة شعبيته ، الفجوة حينئذ تضيق او تكبر على حسب ذكاء وقدرة الحاكم على أقناع الاعلام بتلك الاستراتيجيه .
والمتتبع للاعلام وعلاقته بالسلطة يرى أن أكثر الرؤساء الذين كان الاعلام يلعب دورا رئيسيا فى حياتهم سوء سلبا او ايجابا هو الرئيس جمال عبد الناصر ، لقد حقق أعلام عبدالناصر انجازات كثيرة بالغة الاهمية ؛أهمها على الاطلاق توظيف الاعلام بكفاءة عالية ليساهم بقوة فى دعم قوى المقاومة الوطنية فى البلاد العربية وأفريقيا.
فى عهد ناصر بلغت عد الاذاعات الموجهة عن طريق قادة سياسيين أحتموا بمصر ووجهوا نداءتهم الوطنية الى أبناء وطنهم من القاهرة الى عدة بلاد عربية وافريقية ” بلغت الاذاعات الموجهة أكثر من ثلاثين ” وخاصة الدول الافريقية وتدعيم حركات التحرر بها ؛ منها على سبيل المثال: –
_ أعادة ملك المغرب “محمد الخامس” الى عرشه بعد أن قامت المقاومة من أستديوهات الاذاعة المصرية ضد الاستعمار الفرنسى .
_ البيان الاول للثورة الجزائرية أعلن من الاذاعة المصرية .
ورغم اننى أدرك بوعى كامل الاخطاء الكبرى التى أرتكبها “اعلام عبدالناصر” بنفس القدر الذى أرى فيه كم كبير من النجاحات الباهرة التى حققها هذا الاعلام فى تلك الفترة .
ما أقصده ليس سردا للاعلام فى عهد ناصر او غير ه، ولكنه تسأؤل لماذا تراجع الدور الذى يلعبه الاعلام المصرى بهذا الشكل؟ بعد أن كانت مصر رائدة الاعلام فى الشرق الاوسط ، أصبح اليوم أغلب المصريين يتابعون بشغف قناة لدويلة عربية صغيرة ،وأصبح الاعلام السعودى وغيره من القنوات الفضائية يحظى بنسب مشاهدة عالية .
لماذا تراجع الاعلام الوطنى وتخلى عن دوره الرائد ، أين قنوات الدولة الداعمة لسياسة الدولة ؟ لماذا تركتم الشعب لقنوات رجال الاعمال الذين يسيسون البرامج لمصلحتهم ولأغراضهم ولا هم لهم الا زيادة نسب المشاهدة على حساب المضمون ..هذه دعوة لدعم اعلام الدولة من الدولة ولا اقصد التطبيل للرئيس والاشادة بأعماله وترك سلبيات الدولة ولكن أقصد الاعلام الموازى الداعم للدولة المصرية ،وابراز الحقائق عن ما يمر به المجتمع المصرى …قنوات تكون لسان حال الدولة تحظى بمصداقية عالية وتحتوى على الابهار والتشويق ..احلم بأعلام محترم بعيد عن التطبيل ولا يسعى الى التضليل …احلم فهل يتحقق الحلم .
التعليقات