إن الأخطاء التي ارتكبها الذكور قديما وحديثا أثرت على مصطلح الرجولة الأمر الذي أدى إلى وضع مصطلح جديد من قبل علماء النفس وذلك للإشارة إلى الضرر الذي يلحق بالمجتمع وللرجال أنفسهم.
رغم أنه لايختلف اثنان على مفهوم الرجولة ودورها الإيجابي في نمو المجتمع وتمكين المرأة فيه سياسيا واجتماعيا كونها عنصر مهم لديه أفكار وأعمال تساعد في عملية البناء والتطور ،
يمكن اعتبار الصور التقليدية عن الرجال المهيمنين اجتماعيًا إلى جانب بعض السمات مثل كره النساء وحرمانهم من القيام بأدوار اجتماعية وسياسية.. “سامة”، ويرجع ذلك إلى ميلهم للعنف، والميل جزئيا إلى الاعتداء الجنسي والعنف المنزلي، فغالبًا ما يعمل التطبيع الاجتماعي للفتيان على توريث العنف، كما في القول “الأولاد سيكونون أولاد” فيما يتعلق بالبلطجة والعدوان.
ظهور المصطلح:
مصطلح (الذكورة السامة) نشأ في حركة الرجال الأسطورية، وتشرح الكاتبة إيميلي سي إيه سنايدر أنه تم استخدام هذا المُصطلح للمرة الأولى من قبل اختصاصي علم النفس شيبرد بلِس بين الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
وظهرت لاحقا استخدامات واسعة في كل من الكتابة الأكاديمية والشعبية
كما استخدمت المناقشات الشعبية والإعلامية المصطلح للإشارة إلى المعايير التقليدية والقوالب النمطية للرجولة، وفقًا لما قاله عالم الاجتماع مايكل فلود، فإن هذه تشمل “التوقعات بأن الأولاد والرجال يجب أن يكونوا نشطين، وعدوانيين، وقاسيين، وجريئين، ومهيمنين”.
والذي سعى فيه إلى فصل الصفات السلبية للرجال عن تلك الإيجابية، واستخدم مُصطلح “الذُكورة السامّة” كوسيلة للتفريق بينهما
وفي علم النفس، تشير الذكورة السامة إلى الأعراف الذكورية الثقافية التقليدية التي يمكن أن تكون ضارة للرجال والنساء والمجتمع ككل؛ فلا يهدف مفهوم الذكورة السامة هذا إلى إضفاء طابع شيطاني على صفات الرجال أو الذكور، بل التأكيد على الآثار الضارة التي تتوافق مع بعض السلوكيات المثالية الذكورية التقليدية الاعتماد على النفس والاعتماد على الذات والمنافسة والهيمنة
أسباب الذكورة السامة
من أبرز أسباب ظاهرة الذكورة السامة، هي بيئة الرجل منذ صغره، والعادات والتقاليد والصور التي تلقاها حول كيف يكون رجلاً، وقادرًا على تلبية احتياجات الأسرة.
فالرجل لاينبغي عليه أن يبكي، ولا يجب عليه أن ينكسر ، ولا أن يطلب المساعدة، وأن الضعف صفة خاصة بالنساء؛ الأمر الذي جعلهم يتناسوا أن الرجل مثل المرأة، هو إنسان قبل كل شيء بعيوبه وصفاته ورؤيته الخاصة للعالم وخبراته الشخصية، وحان الوقت لكي يحدده، لكن بعض التعليم الذي تلقاه الرجل منذ الصغر، تغرس فيه بوادر الذكورة السامة.
مشكلات الذكورية السامة
علينا أن نمتلك الجرأة في تسمية الأشياء بسماها الأصلي والاعتراف بأن هناك علاقة بين الذكورة السامة والعنف الأسري والمجتمعي، وأن الذكورة السامة لا تهدد النساء فقط وإنما تهدد المجتمع بأسره.
قد يندهش الشخص عندما ينعلم أن 90 % من الجرائم التي تحدث في العالم سببها الذكورة السامة .
وهذه الجرائم مبنية على أساس اجتماعي يأتي من الثقافة المجتمعية التي لا ينتبه أحد إلى تصحيحها والتي تكون على شكل قصص شعبية و موروث ديني وثقافي عنيد لا يمكن تغييره وقناعة لدى الناس بأنهم يصعب أن يصدقون أن العنف في العالم قضية ذكورية سامة تخص الرجال.
الفرق بين الذكورة السامة والرجولة الإيجابية
لم يأت مصطلح الرجولة السامة لشيطنة الرجال، بل جاء للمطالبة بـ”رجولة” تعددية وشاملة بدلا من الحصرية والسامة، وذلك عن طريق إعادة النظر في “أخلاق” المجتمع السائدة تجاه النساء والأقليات، بما فيها مجتمع الميم-عين وأصحاب البشرة السمراء القاطنين في إفريقيا جنوب الصحراء، والمختلفين دينا وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنّين وغيرهم… هؤلاء الذين يمثلون اليوم التركيبة المجتمعية للمجتمع المعاصر
ومن أبرز البرامج التي اهتمت بهذه الظاهرة هو بودكاست “ماشي رجولة“، للطبيب الشاب سفيان حناني والذي أثار حماساً وسط الشباب، العام الماضي “بحثاً عن رجولة إيجابية”، كما يقول، ويطرح أسئلة شائكة لإعادة التفكير في مفهوم “الرجولة” في مجتمع أبوي كالمغرب
’’تخوض حلقات بودكاست ( ماشي رجولة) في وحل الواقع عبر استضافة متخصصين وفتح باب المداخلات للشباب المغربي,,
الجناني
ووضح الحناني في لقاء مع قناة سكاي نيوز العربية:
نعلم أنه إذا خرج الشخص عن الإطار الذي ترسمه “البطريركية” تصير رجولته مساذلة، سواء تعلق الأمر بالرقص، الإحساس بالضعف والإعياء أو التعبير عن الحب أو غيره؛ لذلك وتسعى إلى خلخلة المفاهيم القديمة وإبراز المضار الاجتماعية الناتجة عن بعض سلوكيات “الرجولة السامّة” المتجذرة في المجتمع.
وأضاف، يمكنك أن تصبح رجلاً دون أن تكون عنيفاً، متأثراً بالتستوستيرون فقط، دون أن تستخدم قوتك المفرطة، يمكنك أن تكون ضعيفاً وهشاً أيضا لأنك بشر، وأن تكون هادئاً لا تحب الألعاب القتالية والأكشن على سبيل المثال.
وفرق الحناني بين الخلط الخاطئ وقال: هناك خلط بين الرجولة والفحولة بمعنى القوة والهيمنة والسيطرة الجنسية، وهو ما يرفضه توجه البودكاست الذي يؤكد أن حقوق المرأة لا تدافع عنها النساء فقط، لأن تعبير “رجولة” هنا يعيد الاعتبار لهذه الكلمة التي تحمل دلالات قوية في المجتمع المغربي، والمغاربي عموماً؛ متعلقة بالشهامة والدفاع عن الحق والإقدام والاحترام، ولذلك على الرجل أن يكون جزءاً من الحل لتحقيق المساواة بين الجنسين.
طريقة انهاء الذكورة السامة
يتحجج أولئك الذين يتوافقون مع معيار الذكورة السامة مواقفهم بالقوانين والتشريعات الدينية والحماية السياسية، حيث يعمدون إلى إطالة أسطورة الذكورة السامة والدفاع عن مصالحها بواسطة شباك الدين والعادات والتقاليد الاجتماعية .
فحينما يتخذ الرجال الحقيقيون مواقف ضد هذا السلوك، ويرفضون العدوان والهيمنة وجميع الخصائص الذكورية السامة ويوضحون تشريعات الدين والقوانين الحقيقية التي وصفت معايير الذكورية ، حينها سوف ينهار نظام الذكورة السامة من الجذور
التعليقات